مقالات رآي حول اللغة والسياسة

 



مقالات حول اللغة والسياسة

  1. الكاتبتايلاند ـ رضا صمدي

لا يمكن أن يغيب عن بال عشاق العربية أن سيادة اللغة من جنس سيادة الدولة ، وأن سلطانها القاهر نابع من قدرتها على الهيمنة على مقاليد الأمور .
وفي كثير من الدساتير ينص على اللغة الرسمية للدولة ، كأنهما شيء من صميم هويتها التي تميز كيانها عن الكيانات السياسية الأخرى .
فهل للغة علاقة بالسياسة، أم أن السياسة هي التي فرضت هذه العلاقة ؟

لا نجد إجابة حاسمة لدى أهل السياسة ، بل نجدهم في حقيقة الأمر من أكثر الخلق تهاوناً في شأن اللغة ، وأبعدهم عن التقيد بأصولها وتقاليدها ، فقلما نجد من ممارسي السياسة من يتقن إلقاء خطاب سياسي فصيح ، وقلما نجد سياسيا إلا ويلحن اللحن الجلي الذي يؤذي الأذن ويجرحها .

وإذا كان شأن اللغة مع السياسيين على هذه الشاكلة فما بالنا نرى إصرار السياسيين على تداول الشأن اللغوي كمظهر من مظاهر السيادة ، حتى إن المخاطبات الرسمية في الدولة يجب أن تكون باللغة التي اعتمدتها الدول لغة رسمية لمصالحها ودوائرها ، بل حتى في المحافل الدولية تحرص كل الدول أن يكون لها حق الترجمة الفورية إلى لغتها الأصيلة ـ لا إلى لغة وسيطة ـ حتى يكون ذلك اعترافا ضمنيا بأهمية الدولة صاحبة اللغة المترجمة ؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!!

وهاهي اللغة العربية قد خطت خطوتها الرسمية نحو العالمية حين اعتمدت هيئة الأمم المتحدة اللغة العربية لغة رسمية في دوائرها ، أي إن لأصحاب هذه اللغة حق الترجمة الفورية إلى لغتهم ، وغير خاف أن سبب هذا الاعتماد ليس جمال اللغة ولا بهاءها ، بل ضخامة تعداد السكان المتحدثين بهذه اللغة .

إن هذا الوجود السياسي للغة العربية لم يصحبه تأثير أدبي وحضور ثقافي يثبت أن هذه اللغة متجذرة في قلوب أصحابها ، متأصلة في ثقافات بنيها .
ويشكو أرباب هذه اللغة ـ من الأدباء والمتخصصين ـ غيبة السيادة اللغوية ، مع أن اللغة من سمات السيادة كما يقول القانونيون .

المجامع اللغوية تصدر توصيات في كل دوراتها ، وتعلو صيحات الغير من عشاق اللغة بضرورة البدء في نهضة لغوية تستنقذ اللغة العربية من هذه الغربة القاتلة التي تكاد تعصف بوجودها كلغة المسلمين والعرب .

وفي آخر دوراته أصدر المجمع اللغوي في مصر برئاسة الدكتور شوقي ضيف قرارًا يدعو إلى فرض القوانين اللازمة لمنع تسمية المحلات ونحوها بأسماء غير عربية من باب الحفاظ على المظهر العربي للمجتمع .

وحقيقة هذا القرار الجريء الذي يريد أن يربط اللغة بالسياسة والقانون : أن فرنسا - وهي من الدول العريقة في مجال الأدب واللغة - أصدرت قانونا يمنع المحلات أن تتسمى بأسماء غير فرنسية ، وينص القانون على فرض عقوبة على كل من يخالف ويجنح إلى الإعلان عن اسم غير فرنسي ، هذا بالإضافة إلى أن فرنسا من دول العالم القليلة التي حرصت على أن تطور تكنولوجياتها المختلفة عبر اللغة الفرنسية ، بدءًا من الأجهزة المنتجة التي تحوي إرشادات التشغيل باللغة الفرنسية ، وانتهاءً بشبكة الاتصالات الدولية (الإنترنت) التي تتعامل مع الفرنسية باعتبارها لغة عالمية .

ولم يعد خافيا على أحد أن فرنسا تنافس بريطانيا في فرض ثقافتها الفرنسية عبر ملحقياتها الثقافية التي لها وجود رسمي يشبه الوجود الدبلوماسي للسفارات والقنصليات .
كما لم يعد خافيا أن هناك نزاعًا دائما حول الحضور الثقافي لهاتين اللغتين عبر الميادين الفنية في المحافل الدولية ، وكل ذلك لا يمكن أن يفسر إلا أنه تنافس سياسي لسيادة لغة على لغة .

وفي إحدى المناسبات أدلى وزير الخارجية الياباني تصريحا سياسيا للمراسلين الأجانب فاضطر أن يستخدم اللغة الإنجليزية كأول لغة يتحدث بها ، فتم استجوابه في البرلمان الياباني حول ما اعتبره بعضهم خيانة للثقافة اليابانية بجعل لغة أجنبية وسيلة تخاطب بين مسؤول دولة ياباني وبين صحفيين !

إننا لا يمكن أن نمر على هذه الأحداث دون أن نتأمل ونغوص في عمق هذه العلاقة بين اللغة والسياسة :
هل هي علاقة تبادل منفعة ؟
أم إنها علاقة استغلال ؟
أم هي علاقة يفرضها واقع العصبية القومية التي تمثل اللغة مظهرًا من مظاهرها ؟
كل ذلك قد يكون صحيحا ، ولكن الذي لا شك فيه أن مثل هذه العلاقة التي نرى بعضا من مظاهرها بين اللغة والسياسة مرده بالدرجة الأولى إلى تفهم السياسيين أن اللغة - فوق كونها مظهرا من مظاهر السيادة - هي صفة مميزة لثقافات الأمم عن بعضها ، ومن شأن الاهتمام بها أن يحافظ على تميز المجتمع واستقلاله خصوصيته .

ومع هذا كله فإننا نرى أن هذه العلاقة لا تتجاوز الجانب العام المجمل ، أما العلاقة التفصيلية بشأن ما يجب أن يفعل تجاه المحافظة على اللغة من الاندثار ، ورفعة شأنها بالدعوة والإعلان والنشر ؛ فهذا ما يظل رهين الأبحاث والمؤتمرات ، ينتظر الإرادة الحاسمة الجازمة التي عندها الجرأة على إحياء اللغة في الأمة من جديد .

إننا نرى الكثير من الأمثلة التي تحدثنا عن هذه الإشكالية بوضوح ، مثل الشأن الجزائري الآن ، الذي نرى أن أهم أسباب تفاقمه : سيادة اللغة ،
إنها الحقيقة التي يأبى أن يعترف بها السياسيون ، رغم أنها ماثلة للخاص والعام .
لقد أرادت مجموعة من الفصائل التي تزعم أنها تنتمي لعرق البربر أو الأمازيغ ( وهي قبائل شمال أفريقية القديمة ) أن تجعل من اللغة الأمازيغية - بلهجاتها المختلفة - اللغة الرسمية لها ، كما أن هذه الفصائل تطالب الحكومة الجزائرية أن تجعل من لغة الأمازيغ لغة ثقافية ثانية بعد الفرنسية ، كون المتحدثون بها يعدون بالملايين .

في المقابل تنكرت الحكومة الجزائرية لوعودها بالمساواة بين المواطنين ، وجعلت رفض المطالب الأمازيغية قرارًا لا رجعة فيه ؛ حتى ولو كلفها مواجهة دموية شاملة .

لقد اندهش المجتمع الدولي حين رأى الحكومة الجزائرية التي حسمت أمر الإسلاميين ، بصبر وعناد واضحين ، يحسم أمر الأمازيغ بنفس الحسم ؛ بل بسرعة لم تكن متوقعة ، وبدا أن الحكومة الجزائرية متعصبة لشأن اللغة العربية والاتجاه الثقافي العربي أكثر من الإسلاميين أنفسهم ، ولكن الحقيقة التي غابت عن الكثيرين أن اللغة العربية لم تعد مجرد نص شرعي أو - حتى - وحيا سماويا ، بل هي سمة ثقافية لمجتمع مستظل بدولة ذات سيادة ، واللغة تشكل فيها العاصم والجامع المانع من كل فتنة وتشرذم ، وليس من السهولة أن تضحي دولة القانون بصمام الأمان الذي يحافظ على كينونتها وتماسكها .

هل تداخل الشأن اللغوي مع الشأن السياسي هنا أم إن هذا التداخل سمة طبيعية لا بد أن تبرز عند أي محك ؟

نحن لا نستطيع أن نرى العلاقة القوية بين اللغة والسياسة كونهما تم التفريق بينهما في المادة العلمية ، حتى غدت علوم كلٍ ذات استقلالية تامة ، ومتخصصو كل مادة ذوي توجه منفصل عن غيره .

لكن الواقع الذي نراه يلح في واقعنا أن اللغة لم تعد مجرد السمير الذي يجده الأديب في نص أدبي ، كما أنها ليست هي ذلك النص اللغوي الذي يقلبه النحوي والصرفي ليجتث منه ما يريد من فوائد وقواعد .

إن اللغة قد غدت بواقعنا المعقد شيئا بمثابة سوق الأوراق المالية ، التي يزداد اهتمام الدول بها كلما كان هناك إقبال على تداول الأسهم والأوراق المالية ، وكلما كانت هناك أموال متدفقة لأجل شراء تلك الأوراق كلما كانت السوق ذات متانة ومكانة .

وكذلك اللغة التي شهدت في الآونة الأخيرة إقبالا كبيرًا ، ليس من الأدباء واللغويين ومحبي اللغة العربية وعشاقها ، بل من عامة المسلمين الذي يعتبرون تعلمها نوعا من أنواع القربى ، وما من دولة في العالم الآن إلا وتجعل من اللغة العربية مادة مدروسة في كلياتها وأقسام جامعاتها ، ولئن اعتبرنا هذا الاهتمام امتدادا لاهتمام المستشرقين باللغة العربية وآدابها فإننا نستطيع أن نجزم أن هذا الاهتمام قد استمد قوته بالدرجة الأولى من الرغبة السياسية في هيمنة اللغة العربية كنوع من أنواع السيادة .

إن سيادة اللغة تعني بالضرورة سيادة أصحاب هذه اللغة ، اكتشاف قديم ، ولكننا - للعجب - نحاول اكتشافه الآن .

--

اللغة والسياسة:(رشدي بويبري)

 FacebookTwitterGoogle+LinkedInPinterestReddit

       تلازم اللغة والسياسة أمر شائع وقضية معروفة يسلم بها أغلب اللسانيين والمفكرين. والكثيرون يعتبرونها من أخطر أدوات ممارسة السلطة والتأثير في العامة. وقد عملت كل أنواع السُّلطة السياسية عبر مختلف الأزمنة على استثمار اللغةَ استثماراً يحقّقُ لها شرعيتها ويثبت سيطرتها. فهي، أيْ السُّلطة، الأقدر على هذا الاستثمارِ لأنها المالك الحقيقي والأساس لوسائل إنتاج اللغة كالإعلام والصحافة والكتَّاب.

       وتتحدد خطورة اللغة في كونها الأداة النافذة التي تستطيع بها السلطة السياسية أن توجّه الجماهير وتغيِّر الرأي العام حول أية قضية وأن تحكم قبضتها على العقل الجَمعيّ للشعب. وتوظيف اللغة في السياسة أدى إلى تغيير عدد من المفاهيم والأفكار حول كثير من القضايا المتعلقة بالدّولة والسياسة، كالمواطنة والديمقراطيّة والحريّة والعدالة والمساواة والإرهاب وغيرها من المفاهيم المجردة التي تأسست بتأسيس الإنسان المجتمعي مروراً بإنسان الوطن والدّولة. فاللغة حسب عبد السلام المسدي سلطة في ذاتها، والسياسة هي السلطة بذاتها ولذاتها، فبواسطة اللغة يمارس الفاعل السياسي تأثيره في الناس وهو واع بسلطة لغته[1].

       إن اللغة أداة حاسمة في الخطب السياسية، من خلال ألفاظها القوية المستعملة يتم استمالة الجمهور بطريقة مقنعة، حيث تدفعهم اللغة السياسية إلى الشعور بالانتماء إلى فكر معين أو تبني إيديولوجية معينة أو التصويت على حزب دون آخر، أو الانخراط في سياسة رسمية للدولة. واللغة السياسية قد تكون وسيلة لتحقيق أهداف نبيلة أو شريرة، كما يمكن أن تقول الصدق وتقول الكذب، فهي قناة ضرورية تحقق من خلالها الحكومات والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام غاياتها الاستراتيجية فبفضل “سيطرتهم على الخطاب السياسي يتحكمون في الناس، ولا يحتاجون إلى (العنف الجسدي) لتحقيق هذا التحكم، بل اللغة السياسية[2].

      هكذا يتبين حجم الارتباط بين اللغة والسياسة أو بين استعمال اللغة والسياسة، فسلطة اللغة في الخطاب السياسي تؤسس وتشكل سلطة السياسة دون اعتمادها على السمات والمبادئ التي تؤسس السياسة. فإذا كانت “السياسة تتعلق بالعمل، فاللغة هي التي تنشط وتبرر العمل، وتوجهه وتمنحه معنى معينا. تتأصل السياسة أساسا في علاقات التأثير الاجتماعي، واللغة، بواسطة ظاهرة سريان الخطابات، فهي التي تسمح بتشكل فضاءات النقاش والإقناع والتضليل، حيث يتطور الفكر والعمل السياسيان. يترابط دائما العمل السياسي والخطاب السياسي، وهذا ما يبرر، في نفس الوقت، دراسة السياسة بواسطة خطابها (لغتها)[3].

 

[1]ـ عبد السلام المسدي، السياسة وسلطة اللغة، الدار المصرية اللبنانية، 2007، الطبعة الأولى، ص 7.

[2]ـ عيسى عودة برهومة، اللغة في الخطاب السياسي، ضمن سلسلة عالم الفكر، المجلد 36، 2007، ص 132.

[3]ـ عبد الهادي ظافر الشهري، استراتيجية الخطاب، مقاربة لغوية تداولية، دار الكتاب الجديد المتحدة، ليبيا، الطبعة الأولى، 2004، ص80.

شعار قسم مدونات

اللغة: أخطر أدوات السياسة!!

  •  

يوسف محمد الكوفحي

 

لَعِبت اللغة ومازالت تلعبُ دوراً رئيساً في الوجودِ الإنسانيّ على جميعِ الأصعدةِ والمجالات الحياتِيّة المختلفةِ، إذْ تُشكِّل اللغةُ أداةً لإخراجِ الأشياء من العدمِ إلى الوجودِ، فبها يُحدد الإنسانُ إنسانيّته وهويتَه، وبها يرى الوجودَ والأشياءَ، وبها يقرأُ الأحداثَ ويُفسِّر الأمورَ، وبها يُفكّر ويقررُ ويؤمنُ، وبها يمارسُ سلوكَه وحياتَه، ويحقّقُ بها أهدافَه وطموحاتِه وآمالَه، فاللغةُ باختصار هي كلّ شيءٍ.
 

ولأهميةِ اللغةِ ودورِها في الوجودِ فَقَد اعتنى بِها أغلبُ الفلاسفةِ والمُفكرين والعلماءِ عَبْر التّاريخ الفِكريّ والعلميّ للبشر، وصنَّفوا فيها الكتبَ والمقالاتِ والأبحاثَ، بدءاً "بأفلاطون" و"أرسطو" وانتهاء "بنعوم تشومسكي" و"جون سيرل"؛ إذ تُعدُّ اللغة من أعقد القضايا وأشدها عصيانا على الفهم والإدراك.
 

من السَّهلِ باللّغة أنْ يتحوّلَ الحقُّ إلى باطلٍ والباطلُ إلى حقٍّ والعدلُ إلى ظلمٍ والظلمُ إلى عدلٍ، وذلك بطريقةٍ لا واعية من خلالِ تكرار المفهومِ "المصنوع" .

لا ريبَ أنّ السَّلطة عبر الأدْهار حاولت وتُحاول أنْ تستثمر اللغةَ استثماراً يحقّقُ لها وجودَها وكيانَها وهيمنتَها، فهي -أيْ السُّلطة- المُخولة والقادِرة على هذا الاستثمارِ والتّحكمِ به، لأنها المالك الحقيقي والوحيد لوسائل إنتاج اللغة كالإعلام والصحافة والكتَّاب.
 

وتتجلّى خطورة اللغة بكونها الأداة التي تستطيع بها السلطة أن توجّه الجماهير وتغيِّر الرأي العام حول أي قضية ما، فتحولت بِيَديها إلى جهاز تَحكُّمٍ وسيطرةٍ، تَمكَّنَت من خلاله أنْ تُحْكِمَ قبضتها على العقل الجَمعيّ للجماهيرِ، وذلك من خلال اللعب بالدوالّ ومدلولاتها؛ أي بتأسيس خطاب قديم-جديد فيما يتعلق بالمصطلحات ومفاهيمها.
 

فمن السَّهلِ باللّغة أنْ يتحوّلَ الحقُّ إلى باطلٍ والباطلُ إلى حقٍّ والعدلُ إلى ظلمٍ والظلمُ إلى عدلٍ، وذلك بطريقةٍ لا واعية من خلالِ تكرار المفهومِ "المصنوع" والمُراد تحقيقه وإسقاطه من عالَم الوهم والزيفِ إلى الوجودِ الماديّ المحسوس، كـ"ما صدق" للدّالّ ليتعايش معه المخاطَب حسيّا وذهنيا بطريقة واعية بوصفه مرجعاً لدالّه "مصطلحهِ"، ليصبحَ دماغه بعدها مُبرمجاً على ربط ذلك الدّالّ بمفهومه ربطاً لا مندوحة عنه.
 

ومن هنا، فإنّ توظيف اللغة في السياسة أدى إلى تغيير عدد من المفاهيم والطّروحات والأفكار حول كثير من القضايا المتعلقة بالدّولة والسياسة، كالمواطنة والديمقراطيّة والحريّة والعدالة والمساواة والإرهاب وإلى غير ذلك من المفاهيم المجردة التي تأسست بتأسيس الإنسان المجتمعي مروراً بإنسان الوطن والدّولة.
 

فكانت تلك المفاهيم هي مفاتيح اللّعبة اللّغوية التي تبطش بها السُّلطة مُستعينة بالإعلام والصحافة والكُتَّاب والباحثين والمبدعين وغير ذلك مما له علاقة بصناعة المفهوم والتلاعب به، لإيصاله إلى أذهانِ الجماهير بما تَصبُ إليه تلك السلطة وأصحاب القرار، فإمّا أن يستوي هذا المفهوم على سوقهِ وتستقر الأذهانُ حولَه وتطمأن إليه وتتعايشُ معه، وإمّا أنْ لا يستوي على سوقه ويبقى في إطار الفوضى المفاهيمية، وفي الحالتين، فإنَّ ما يُملي هذا الأمر هو صاحبُ السّلطة والهيمنة، فربما يخدمه هذا أو ذاك.

وضحية هذه اللّعبة القَذرة هم الجماهير، لأنهم يساقون بغير وعيٍ في ما يساقون إليه من معانٍ ودلالات يرونها حقيقةً مطلقةً، وخيراً مَحضاً، وقد تكون في حقيقةِ الأمر ما هي إلا أباطيل وأسمارٌ.
 

فلو أخذنا، مثلا، مصطلح "الإرهاب" الذي يُعدُّ من أكثر المُصطلحات تداولاً واستخداماً في راهننا المعاصر على المُستوى العربيّ والغربيّ والعالم أجمع، لوجدنا أنَّه، إلى الآن، ما زالَ يفتقرُ لِمرجعٍ مُحدد مُتعلقٍ بدالِّه، وذلك في سياق ومقامِ تداوله الرَّاهن، فَهو دالٌّ يُشيرُ إلى عددٍ من المَراجعِ "المفاهيم"، وهذا التَّعدد المفاهيميّ مقصودٌ بالسّلطةِ، وهي من أوجدته، أجلَ استثماره لخدمة مصالحها، وذلك بإسقاطه كدالّ ذي مفهوم محدد على من شاءت ومتى شاءت وكيفما شاءت!
 

وبهذا الإسقاط المتكرر على المرجع المطلوب سيتشكل مع مرور الزمن عند المخاطَب مفهومٌ محددٌ ذو دلالة واضحة لذلك الدّالّ، أعني دالّ "الإرهاب"، وقد يُدوَّن في المعاجم ويُدرَّس في المدراس والجامعات بوصفه كذلك.
 

إنَّ غيابَ المرجع أو تعدده للدالِّ الواحد يُعدّ سبباً رئيساً للخلاف الفكري والمعرفي بين الناس، وسبباً في إشاعةِ الفوضى وعدم الاستقرار المعرفيّ، وهذا بدوره سينعكسُ على حياة النّاس وعلى سلوكِهم وتفكيرهم ونمط عيشهم، وسيؤثر تأثيراً بالغاً على أيّ مشروع نهضويّ وعمرانيّ، وسيقضي على آمال الشّعوب وطموحاتهم.
 

ومن هذا المنطلق، يمكن لنا القول، إنّ الدولَ التي تعيش حالة من الاستقرار السّياسيّ والاجتماعيّ والنفسيّ والاقتصاديّ، والعلميّ تحديداً، يعود في أغلبه إلى استقرار متفق عليه حول عدد من الدوالّ "المصطلحات" ذات العلاقة بهذه المجالات الحياتية، فعندما يكون المجتمع مُؤسَّساً على مفهومٍ واحد تقريباً لدالٍّ واحد في البيتِ والمدرسة والجامعة والكِتَاب والمجتمع، فإنَّ هذا يُؤسِّس لحالة من الاستقرار النفسيّ والذهنيّ والتفكيري، وسيؤدي بالمرء إلى أنْ يفكّرَ بطريقة منطقية تخلو من التناقض والاضطراب والتّشويش، وذلك في حالة توافق كامل لذلك المفهوم الذي يُعبِّر عن حقيقة ما يؤمن به الفرد في جميع مجالاته الحياتية السّياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة.

وحسبي أنْ أشيرَ، ها هنا، إلى أنَّ الدّول المتقدمة والمهيمنة مطمئنةٌ إلى كثير من مفاهيمها التي ترتضيها في ما يتعلق بحالها وأحولها وتحديداً في المجال السياسيّ؛ إذْ نجد أنَّها ترتاح إلى ما وصلت إليه من بناء أرضية معرفية محدودة المعالم معروفة المعاير والمعاني، فأنشأَ هذا نسقاً معرفيّاً واحداً نُسِج به العقل الجمعيّ لتلك الدول.
 

وبالتالي، فإنّ ذلك سيخلق عندهم نمطاً تفكيريّاً واحداً، وهذا النمط بدوره أدّى بهم إلى أنْ يكونوا لحمةً واحدةً في جميع مجالاتهم الحياتية، الذي هو نتاجٌ أو معلولٌ لعلة التّوافق المفاهيميّ للمصطلح اللّغويّ، بمعنى آخر "المصطلح في العقل الجمعي لتلك الدول له مرجع واحد تقريبا وليس مراجع".

إلى الآن فإنَّ الصراعَ على مفهوم الحرية والديمقراطية والدولة المدنية والدولة الدينية والدولة الإسلامية قائمٌ، وذلك لسبب بسيط، وهو أنَّ هذه المفاهيم عند طرفي الصراع غيرُ واضحةٍ.

بالمقابل، في نظري، فإنَّ المُشكلَ الحقيقيّ الذي يكتنف مجتمعنا العربي هو تعددُ المفاهيم للمصطلح الواحدِ الذي ينتمي لعددٍ من المصطلحاتِ الّتي تُشكِّل السّواد الأعظم من صراعنا الفكري والديني والمذهبي والسياسي والاجتماعي، فإلى الآن فإنَّ الصراعَ على مفهوم الحرية والديمقراطية والدولة المدنية والدولة الدينية والدولة الإسلامية قائمٌ، وذلك لسبب بسيط، وهو أنَّ هذه المفاهيم عند طرفي الصراع غيرُ واضحةٍ بالمرة، والكلّ يناقش الآخر بناءً على نظرته أو فهمه هو، أو فهم الآخر "الغرب" حولها، دون أنْ يكونَ ثمة مفهوم واضح عند الطرفين حولَ هذه المصطلحات، فكأنَّهم يضعون الحصانَ قبل العربةِ، فكيف بمن يُطالب بالديمقراطية وحرية التعبير، أو بمن يُناقش قضية فصل الدّين عن الدّول أو عن السّياسيّة دون أنْ يكونَ هناك مفهوم متفق عليه عند الفريقين، للديمقراطيّة والحريّة والدّين والدّولة والسّياسة، وقل مثل ذلك في "العدالة الاجتماعيّة، وحقوق المرأة، والمساواة، والإرهاب، والعميل، والخائن …إلى غير ذلك".
 

وهكذا، فإنَّ غياب مرجعية الدالّ في العقلِ الجمعيّ للعرب هو ما حدا بهم إلى هذا الصِّراع الفكريّ والمَعرفيّ في جميع المجالات، وهو ما أدّى بهم إلى هذه التّفرقة والتّخلف والتّمزق، وسيكون السببَ الرئيس لإنتاج عددٍ لا متناهٍ من الطّوائف والمَذاهب والفِرق والحركات والجماعات، وسيكون عائقاً رئيساً أمامَ أيّ حوار أو نقاش في أيّ مسألة من المسائل، وسدّاً منيعاً أمام أي تقدم وازْدهار.

--


اللغة السياسية والمدَنِية… لاستكمال الهوية العربية

 

اللغة السياسية هي لغة إدارة الشأن العام وتدبير الاختلاف وتسيير نظام الحكم، كما أن اللغة المدنية هي لغة تعكس ثقافة المدينة الحديثة بكل أجوائها وعبقها وروحها، يشعر فيها المواطن بالانتماء إليها انتماء وجودي، تحدد هويته في نهاية المطاف، ولا يمكنه الاستغناء عنها، حتى ولو كان بعيدا عنها.
لا ريب أن اللغة، أي لغة في العالم، على صلة متينة بالسياسة كفكر وممارسة، عندما تعني إدارة الحكم من قبل السلطة الشرعية، ونقد الحكم من قبل المعارضة، تفاديا لاحتكار معاني الكلمات ودلالتها في رحم السلطة الحاكمة فقط. فكلَّما كان نظام الحكم/ السلطة/ الدولة العربية على قدر كبير من الفعلية والحَكَامَة (الحكم الراشد)، كلما زادت إمكانية استخدام اللغة العربية في قضايا حقيقية ومصيرية تساعد على تقليص الأمية السياسية واحترام أكثر للمدينة كفضاء عام يستدعي لغة المال العام التي تتحدث بخطاب غير استحواذي ولا احتكاري على اعتبار أن المال العام هو ملك الجميع كما يقال.. لكن ما ينقصنا كعرب في هذا الجانب هو امتلاك ناصية اللغة التي تعكس الوعي بقيمة وأهمية المجال العام والمؤسسة العامة كأفضل سبيل لاستكمال الهوية العربية الناقصة.
اللغة العربية تحتاج إلى اللغة السياسية الحديثة إن على صعيد النظرية السياسية أو على صعيد التجربة والممارسة السياسية أيضا لقوة الصلة والعلاقة البينية التي صارت عليها المنظومات الفكرية والعلمية في عالمنا الفائق. وعليه فان التحدي الكبير الذي يواجه العرب ليس ما آلت إليها اللغة العربية كلغة تواصل وقِوَام هوية، بقدر ما يتمثل هذا التحدي الخطير في قلة تبَصُّر النظام السياسي العربي في مسألة اللغة العربية وصلتها بالسياسة عندما تعني أن كل شيء سياسة وأن السياسة هي أيضا كل شيء، بمعنى ما من مجال من مجالات الحياة إلا ويحتاج إلى تدبير سياسي: السياسة الاقتصادية، السياسة الثقافية، السياسة البيئية، السياسة الاجتماعية، السياسة الدولية… فالقصور في تغطية هذه السياسة في مدلولها الواسع هو الذي ينعكس عند التحليل الأخير على اللغة ويحيلها إلى الانكماش والاضمحلال. ومن الأمثلة في التدبير الناجح للغة العربية هي اللغة المتداولة في بعض الفضائيات العربية عندما هيئت اللغة وأعدت برسم التداول العربي القومي ومن أجل كل العرب في سائر أنحاء العالم، فوظفت اللغة ليس لترديد مناقب أنظمة الحكم العربية أو لشرح البيانات والقرارات التي تصدر عنها بلغة متخشبة ومترهلة من فرط تداولها حتى النفاد الأخير. فقد فُتِح المجال للّغة العربية للتداول العام، يخاطب بها الشعب العربي كوحدة قومية تزيد من متانة الهوية العربية التي تفلت من أنظمة الحكم القُطْرية والاحتكارية. ولعّل النجاح البارز في تداول اللغة العربية في الفضائيات هو أنها استدعت سياسة جديدة: زيادة الاهتمام الدولي بالشأن العربي ولو بإحداث قنوات فضائية تتحدث بلغات عالمية أخرى.
إن التعامل مع الوضع السياسي والمدني على أساس أنه جزء من الهوية أو أنه يساعد على ذلك، يوفر فرصا أكثر لكافة أفراد الشعب لكي تعبر وتبدع وتخلق وتصنع ليس فقط في مجال الأدب والفكر والفن والرياضة والتجارة، بل تساعد على بلورة وتداول لغة عربية واضحة بين أفراد الشعب العربي في ما بينه، وبينه وبقية العالم، لأن اللغة العربية المتداولة في هذه الحالة تستبطن كافة القضايا العالمية والإنسانية، يظهر فيها العرب قدرة على إبداء وجهات نظرهم. ولعلنا لا نجانب الحقيقة إذا قلنا أن أقوى بلدان العالم هي تلك التي تنتج المصطلح السياسي والمدني لما يوفرها نظامها الحاكم من ديمقراطية وما توفِّره مدنها من فضاءات ومجالات عامة توحي بالراحة والاطمئنان يشعر أفرادها بهويتهم الكاملة. وعلى خلاف ذلك، نجد حالة التسلط والاستبداد وضيق المجال السياسي في العالم العربي أثره البالغ في محاصرة اللغة العربية عن التعبير عن القضايا والتحديات الحقيقية التي تواجه فعلا العربي في وجودهم، كما أن تورم المدن العربية على نحو عشوائي كامتداد لضواحي الصفيح، أفرز حالة من القنوط والعَيَاء والفتور في الانتماء إلى الحياة المدنية العربية الحديثة. فمعروف أن المدن العربية لا توحي كثيرا لأدباء العالم بالقدوم إليها والكتابة من وحي أجوائها وعبيرها، بل على العكس تماما نجد أن المبدع والمفكر والعالم العربي هو الذي يرحل إلى المدن الأوروبية والأمريكية من أجل استكمال الهوية الناقصة لديه، على ما شهدته مدن باريس، لندن، روما، برلين، أمستردام، واشنطن، نيويورك، أوطاوا،ناهيك عن عشرات المدن الأخرى الهادئة والمريحة.
وجود العرب معلق على وجود لغتهم. وسياق العولمة والعصر الفائق يتيح أكثر من فرصة للاستثمار في اللغة، ومن ثم امتلاك واستكمال الهوية العربية. ونأخذ على سبيل المثال مدن العربية السعودية، التي يتدفق إليها الملايين من المسلمين في العالم بمناسبة مواسم الحج والعمرة، يرددون أدعية، يؤدون مناسك وشعائر دينية بلغة عربية ولغات أخرى مختلفة تساعد كثيرا على التواصل وإغناء اللغة العربية بتوفير أجواء موحية لمناطقها التاريخية وإعادة تصميم بيئات وبنايات من الوحي العمران الإسلامي الذي لا يتوقف عن الإبداع الفني. واليوم هناك، إمكانية الاستثمار في اللغة العربية في بلدان الخليج العربي، التي شهدت بعض مدنها طفرة نوعية هائلة من التقدم والنماء مثل دبي، أبو ظبي، الرياض، الدوحة.. التي تستقطب المال والأعمال من مختلف القارات في العالم، الأمر الذي يتيح تداول اللغة العربية من قبل السياح، رجال الأعمال والتجارة والمتعاملين الاقتصاديين، والشركات الدولية وفي المؤتمرات السياسية والاقتصادية والفكرية التي تقام فيها بشكل مستمر والتي يجب أن تستمر إلى حد أن تصير ثقافة.



اللغة العربية من بوابة السياسة إلى نور القرآن


لقائي مع الدكتور مهاتير محمد

في يومٍ من الأيام التي ستظل محفورة في الذاكرة، كان لي شرف لقاء أحد أبرز رموز العالم الإسلامي، ورئيس وزراء ماليزيا الأسبق، الدكتور مهاتير محمد. لقاء جمع بين الفكر والسياسة، وبين اللغة والهوية، وبين القرآن الكريم وروح الحضارة.



اللغة العربية في قلب الحوار

تحدثنا في بداية اللقاء عن اللغة العربية، هذه اللغة العريقة التي لا تُختزل في كونها مجرد وسيلة تواصل، بل هي وعاء حضاري، وثقافي، وديني عميق. أعرب الدكتور مهاتير عن إعجابه بمكانة العربية، ليس فقط كلغة القرآن الكريم، بل كلغة تفكير ومنطق وعلم، لعبت دورًا مهمًا في بناء الحضارة الإسلامية التي امتدت من الأندلس إلى الصين.

القرآن الكريم والهوية اللغوية

انتقل الحديث إلى القرآن الكريم، الذي أنزل بلسان عربي مبين، فكان من الطبيعي أن ترتبط اللغة العربية برسالة الإسلام. شدد الدكتور مهاتير على أن فهم القرآن الكريم بلغته الأصلية هو مفتاح لفهم أعمق لرسالة الإسلام، وأن الترجمة وحدها لا تُغني عن التعلّم المباشر للعربية.

السياسي والدبلوماسي بين اللغة والرسالة

ومن النقاشات المميزة في هذا اللقاء، تطرقنا إلى دور اللغة العربية في العمل السياسي والدبلوماسي، خاصة في الدول الإسلامية. لقد أبدى الدكتور مهاتير اهتمامًا بالغًا بضرورة تمكين السياسيين والدبلوماسيين من تعلم العربية، ليس فقط كوسيلة للتواصل، بل لفهم السياقات الثقافية والدينية التي تحكم كثيرًا من علاقات الدول الإسلامية ببعضها.

دعوة إلى تعلّم العربية للقيادات

أكّد الدكتور مهاتير أن هناك حاجة لتطوير برامج نوعية لتعليم اللغة العربية للدبلوماسيين والسياسيين، بحيث تدمج بين اللغة والسياسة والثقافة الإسلامية. هذا التوجه، كما ناقشنا، من شأنه أن يُعزز جسور التفاهم بين الشعوب المسلمة، ويقوي من الحضور الدبلوماسي الماليزي في العالم العربي.





 الختام: من اللغة إلى النهضة

خرجت من اللقاء بشعور عميق بأن اللغة العربية ليست مجرد موضوع نقاش، بل هي مشروع حضاري حي، يُمكن أن يشكّل ركيزة من ركائز النهضة الحديثة في العالم الإسلامي، إذا ما أُحسن استثمارها في التعليم والسياسة والعلاقات الدولية.





لقاء مميز مع مفتي ماليزيا السابق: اللغة العربية بوابة للسياسة والتأثير الحضاري


في إطار اهتمامي بتعزيز حضور اللغة العربية في السياق السياسي والدبلوماسي، تشرفت بلقاء علمي وثقافي مهم مع الدكتور ذو الكفل محمد البكري، مفتي ماليزيا السابق، وذلك في جلسة حوارية ثرية تناولنا فيها العلاقة بين اللغة العربية والسياسة، والدور الذي يمكن أن تضطلع به اللغة في تمثيل قضايا العالم الإسلامي، وتعزيز التواصل الفعّال بين الشعوب.

 


العربية والسياسة: لغة التأثير والهوية

خلال حديثنا، أكد الدكتور ذو الكفل على أن اللغة العربية ليست مجرد أداة تواصل، بل هي لغة حضارة وهوية ورسالة. فهي لغة القرآن الكريم، واللغة التي حملت مضامين الرسالة الإسلامية إلى البشرية. ومن هنا، فإن تمكين الأجيال الناشئة، وخصوصًا في دول العالم الإسلامي غير الناطقة بالعربية، من اكتساب هذه اللغة يُعدّ خطوة استراتيجية لتعزيز الوعي السياسي والثقافي والديني، وإعداد كوادر قادرة على تمثيل أوطانها في المحافل الدولية بكفاءة لغوية وثقافية رفيعة.


 

زيارة ميدانية لمعهد تعليم اللغة العربية

ضمن برنامج اللقاء، قمنا بزيارة ميدانية إلى أحد المعاهد التعليمية المتخصصة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، حيث التقينا بالأستاذ عبدالله الحكيم، مدير المعهد. وقد دار نقاش مثمر حول سبل تطوير برامج المعهد لتلائم احتياجات المتعلمين في المجالات السياسية والدبلوماسية، بما يعزز من قدراتهم على الفهم والتحليل والتواصل في البيئات متعددة الثقافات.





ناقشنا أيضًا أهمية إدماج المدونات السياسية والمواد الأصيلة ضمن المناهج التعليمية، وتوظيف تقنيات التعليم الحديثة لتقديم تجربة تعلم متكاملة تجمع بين اللغة والمضامين السياسية والثقافية، بما يخدم رؤية ماليزيا في تأهيل كوادر دبلوماسية قادرة على التعبير عن مصالحها بلغة عربية سليمة ومعبرة.

 

رؤية مستقبلية

نطمح من خلال هذا التعاون العلمي والتعليمي إلى بناء مناهج عربية سياسية تخصصية، تُعنى بتدريب الدبلوماسيين والباحثين وطلاب العلاقات الدولية على استخدام اللغة العربية في السياقات الرسمية والحوارات السياسية، مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والحضارية للمتعلم الماليزي والآسيوي عمومًا.

كما نتطلع إلى إنشاء مركز بحثي مشترك يُعنى بتطوير المحتوى العربي السياسي الموجه لغير الناطقين بالعربية، ويعمل على رصد التحديات والممارسات الناجحة في تعليم اللغة في هذا المجال.



 

رسائل اللقاء

  • اللغة العربية أداة استراتيجية وليست مجرد وسيلة تعليمية.
  • تعليم العربية لأغراض سياسية ضرورة في ظل التحولات الجيوسياسية.
  • التعاون بين العلماء والمؤسسات التعليمية مفتاح لإحداث نقلة نوعية.
  • دمج التكنولوجيا والمدونات السياسية يعزز من تفاعل المتعلم وواقعية المحتوى.
  • رعاية مثل هذه اللقاءات يعزز جسور التواصل بين العالم العربي والعالم الإسلامي الأوسع

 

 

 

لقاء مثمر حول تعليم اللغة العربية للدبلوماسيين



في إطار جهودي المستمرة لنشر اللغة العربية وتعزيز حضورها في الأوساط الدبلوماسية والسياسية، سعدتُ بلقاء مميز مع أحد الشخصيات الحكومية الرفيعة المستوى، السيد أيوب بن عبد الرحمن المدير في إدارة الهجرة والجوازات، حيث أتيحت لي فرصة النقاش حول مشروع تعليم اللغة العربية للدبلوماسيين والسياسيين الأجانب. وقد لقيت الفكرة ترحيبًا كبيرًا من جانبه، بل وأبدى إعجابًا بالغًا بجدوى هذا التوجه، مؤكدًا أنه يُعد من المبادرات المهمة التي تخدم العلاقات الدولية وتُعزز من فهم أعمق للثقافة العربية.

وقد وصف هذا المسؤول المشروع بأنه "خطوة ذكية ومفيدة للغاية"، وأكد دعمه الكامل لمثل هذه المبادرات التعليمية النوعية، لا سيما في ظل حاجة الدبلوماسيين إلى أدوات تواصل فعّالة تُمكّنهم من التعامل المباشر مع المجتمعات العربية ومؤسساتها.

إن هذا اللقاء كان دافعًا كبيرًا لي للاستمرار في تطوير هذا المشروع الطموح، وتعزيز شراكاته على المستويين المحلي والدولي، بهدف بناء جسور التفاهم والتقارب الثقافي من خلال اللغة.



لقاء مع أستاذ محاضر في جامعة أوسيم

 




الأستاذ الدكتور  محمد يونس بن عبد العزيز  

مقدمة:

في هذا اللقاء الخاص، يسعدنا في مدونة لسان الحكمة أن نستضيف الأستاذ الدكتور محمد يونس بن عبد العزيز ، محاضر في جامعة أوسيم، حيث نسلط الضوء معه على قضايا مهمة تتعلق بتدريس المفردات الإعلامية والسياسية للمتعلمين الأجانب، ودور اللغة العربية في تعزيز الفهم السياسي والثقافي لدى غير الناطقين بها.

 

🎤 نص اللقاء:

س: بداية نرحب بكم دكتور، ونود أن نسأل: كيف ترون واقع تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في الجامعات اليوم؟
ج: أشكركم على الدعوة. تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها يشهد اليوم توسعًا ملحوظًا، خاصة في ظل تزايد الاهتمام بالعالم العربي من نواحٍ سياسية واقتصادية وثقافية. غير أن التحدي الأكبر يظل في المواءمة بين الجانب اللغوي الأكاديمي واحتياجات المتعلمين العملية.

 

س: ما أهمية تدريس المفردات السياسية والإعلامية لغير الناطقين بالعربية؟
ج: هذا النوع من المفردات يمثل مدخلًا لفهم الثقافة والواقع العربي. فالدارس الذي يفهم مصطلحات مثل "بيان رسمي"، "مؤتمر صحفي"، "عقوبات دبلوماسية"، أو "سيادة الدولة"، يكون قادرًا على متابعة الأخبار، وتحليل الخطاب الإعلامي والسياسي العربي، بل وأحيانًا التفاعل معه، خصوصًا الدبلوماسيين أو طلاب العلوم السياسية.

 

س: هل هناك منهجية خاصة لتعليم هذه المفردات؟
ج: نعم. نحن نركز على المدخل السياقي، حيث نُدرّس المفردة من خلال سياقها الطبيعي في الأخبار أو البيانات أو مقاطع الفيديو الرسمية. كما نستخدم نصوصًا حقيقية مأخوذة من وكالات أنباء، إلى جانب أنشطة لعب الأدوار كمحاكاة للمؤتمرات الصحفية أو الحوارات السياسية.

 

س: ما أبرز الصعوبات التي تواجه المتعلم الأجنبي في هذا المجال؟
ج: من أبرزها:

  • غياب الخلفية الثقافية أو السياسية التي تساعد على فهم النصوص.
  • صعوبة بعض المصطلحات المركبة أو المأخوذة من اللغة العربية الفصحى الرسمية.
  • كثرة العبارات المجازية أو الاستعارات السياسية.
    وهذا يتطلب من المعلم أن يكون ملمًا بالسياسة، والإعلام، واللغة في آنٍ واحد.

 

س: ما النصيحة التي توجهها للمدرسين الجدد في هذا التخصص؟
ج: أوصي بالآتي:

  1. الاطلاع المستمر على القنوات الإخبارية والنصوص السياسية.
  2. الاعتماد على نصوص أصيلة لا مصطنعة.
  3. تعزيز الجانب التفاعلي من خلال مناقشات حقيقية.
  4. الربط بين المفردة والحدث، وليس تعليمها بشكل معزول.

 

س: أخيرًا، ما طموحاتكم في تطوير هذا المجال مستقبلاً؟
ج: نأمل في إعداد مناهج متخصصة أكثر، مثل "العربية للدبلوماسيين"، "العربية لطلبة العلوم السياسية"، و"تحليل الخطاب الإعلامي العربي"، كما نسعى إلى إنشاء شراكات دولية تربط تعلم العربية بدورها في الحوار الحضاري والسياسي.

خاتمة:

نشكر الدكتور على هذا اللقاء الثري، ونتمنى له دوام التوفيق في جهوده التعليمية والأكاديمية.

  

لقاء مع الدكتور المحاضر في الجامعة الماليزية um

العربية للدبلوماسيين: مبادرة لبناء جسور التفاهم





حوار مع أ.د. (محمد شريف )، أستاذ محاضر – جامعة مالايا (UM)

 (المدوِّن):
دكتور، بداية أشكر لكم تخصيص هذا الوقت للحديث عن موضوع بالغ الأهمية في عالم العلاقات الدولية، وهو تعليم اللغة العربية للدبلوماسيين. من خلال تجربتكم في جامعة مالايا، كيف ترون أهمية هذا النوع من التعليم؟

الدكتورمحمد  -جامعة مالايا:
شكرًا لكم على هذه المبادرة الطيبة. الحقيقة أن تعليم اللغة العربية للدبلوماسيين ليس ترفًا ثقافيًا، بل أصبح ضرورة استراتيجية. ماليزيا بحكم موقعها الجغرافي وثقافتها المتعددة لطالما تبنّت سياسات لغوية منفتحة، وكان للعربية مكانة خاصة في منظومتها التعليمية والدبلوماسية. فالعلاقات الماليزية-العربية متجذرة ومتشعبة، من التعاون الاقتصادي إلى التبادل الثقافي والديني.

أنا:
ولهذا نطرح الآن فكرة إنشاء "مركز تعليم اللغة العربية للدبلوماسيين" في كوالالمبور، يكون ثمرة تعاون بين الأكاديميين الماليزيين والعرب، ويستهدف تدريب الدبلوماسيين والملحقين الثقافيين والسياسيين على مهارات اللغة العربية لأغراض مهنية محددة.

الدكتورمحمد
فكرة متميزة حقًا. وأظن أن جامعة مالايا، بوصفها أقدم وأهم جامعة في البلاد، تملك من الموارد الأكاديمية والبشرية ما يؤهلها لدعم هذا المركز. لدينا قسم دراسات اللغة العربية والحضارة الإسلامية، إضافة إلى شبكة علاقات دولية واسعة يمكن توظيفها لإنجاح مثل هذا المشروع.

أنا:
نسعى من خلال هذا المركز إلى تقديم برامج متخصصة مثل:
اللغة العربية في التفاوض السياسي والدبلوماسي
كتابة البيانات والخطابات الرسمية باللغة العربية
فهم السياقات الثقافية العربية في الإعلام والسياسة
محاكاة المؤتمرات العربية والمنظمات الإقليمية

الدكتورمحمد
وهذا ما نحتاج إليه تمامًا. فغالبًا ما تركز البرامج التقليدية على تعليم اللغة لأغراض عامة، بينما ما تقترحونه هو تعليم "لغة المهمات الرسمية"، وهي لغة ذات طابع خاص، تجمع بين الدقة، واللباقة، والوعي الثقافي. وأرى أن ماليزيا يمكن أن تكون منصة نموذجية لتصدير هذا النموذج لبقية دول جنوب شرق آسيا.

أنا:
ونأمل كذلك أن يكون المركز بيئة تواصل بين الدبلوماسيين من مختلف الدول، عبر عقد منتديات حوارية بلغات متعددة، وإصدار نشرات تحليلية باللغة العربية، بما يرسّخ دور العربية كلغة حية في العلاقات الدولية.

الدكتورمحمد
هذه رؤية طموحة، وأنا أحييكم عليها. إن تعليم العربية للدبلوماسيين في ماليزيا سيكون مشروعًا حضاريًا بامتياز، يعكس قيم التفاهم، والتواصل، والانفتاح. وأتطلع إلى مناقشة هذا المقترح بشكل رسمي مع الجامعة ، وربما توقيع مذكرة تفاهم مع مؤسستكم.

أنا:
أشكركم دكتور، ونتطلع للعمل المشترك لتحقيق هذا الحلم الأكاديمي والدبلوماسي. وندعو كل من يهتم بدور اللغة في تعزيز الحوار بين الثقافات إلى الانضمام لهذه المبادرة.

الدكتورمحمد
بكل سرور، ومرحبًا بكم دائمًا في رحاب جامعة مالايا، وفي قلب ماليزيا المتعددة والمتجددة.

 ....

لقااء مع الدكتورة درة عميدة كلية اللغات في جامعة سومطرة أوتارا 





حوار مع الدكتورة درة عميدة كلية اللغات في جامعة سومطرة أوتارا

أنا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دكتورة درة، بداية أشكر لكم حُسن الاستقبال في هذا الصرح العلمي المتميز. يشرفني أن أكون اليوم في كلية اللغات بجامعة سومطرة أوتارا.

الدكتورة درة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته دكتور، مرحبًا بكم في الجامعة، ونعتز بزيارتكم لنا. يسعدنا أن نستمع إلى أفكاركم وتجربتكم المميزة في مجال تعليم اللغة العربية، خاصة في بُعدها السياسي والدبلوماسي.

أنا
أشكر لطفكم، وقد كان هدفي من هذه الزيارة هو عرض مشروع "مدونة تعليم اللغة العربية كلغة للسياسة"، وهي مدونة تربوية رقمية صممتُها لتخدم متعلمي اللغة العربية من الدبلوماسيين، وطلاب العلاقات الدولية، والمهتمين بالشأن السياسي العربي.

الدكتورة درة:
هذا توجه فريد ومهم. نحن بحاجة فعلًا إلى هذا النوع من المبادرات التي تدمج بين تعليم اللغة وواقع استخدامها المهني، خاصة في السياق السياسي الذي يتطلب فهمًا دقيقًا للمصطلحات والخطاب.

أنا
صحيح، ومن خلال تجربتي الأكاديمية لاحظت فجوة في المواد التعليمية التي تخدم هذا المجال. لذلك عملت على تصميم المدونة انطلاقًا من نظرية اللغة لأغراض خاصة، مع توظيف نصوص سياسية أصلية، وتضمين أنشطة لغوية وتحليلية مرتبطة بالواقع السياسي العربي المعاصر.

الدكتورة درة:
فكرة رائدة فعلًا، ونحن هنا في الجامعة نحرص على تطوير مناهج متقدمة تلبي الاحتياجات الخاصة للمتعلمين، وخاصة في التخصصات متعددة الحقول مثل اللغة والعلاقات الدولية.

أنا
أتمنى أن يتم التعاون بيننا مستقبلاً، سواء في ورش تدريبية، أو برامج تعليمية مشتركة تستهدف طلاب جامعة سومطرة أوتارا، أو حتى عبر تبادل الخبرات البحثية في مجال تعليم العربية للناطقين بغيرها.

الدكتورة درة:
بكل ترحيب. سأعرض هذا المقترح على مجلس الكلية، ونأمل أن تثمر هذه المبادرة عن شراكة علمية مثمرة تعزز من حضور اللغة العربية كلغة تفكير سياسي وحوار دبلوماسي في جنوب شرق آسيا.

أنا
أشكركم مرة أخرى على كرم الضيافة، وسأوثّق هذا اللقاء ضمن مدونة "لسان السياسة" لتصل فكرتنا إلى كل المهتمين بهذا المجال.

الدكتورة درة:
ونحن بدورنا نحيّي جهودكم، ونتطلع إلى خطوات عملية قادمة بإذن الله



..

لقاء مع الدكتور ويندي خلدون  - محاضر في جامعة سومطرة أوتارا       





 














حوار مع الدكتور ويندي خلدون محاضر في جامعة سومطرة أوتارا

أنا
السلام عليكم دكتور ويندي، يسعدني جدًا هذا اللقاء معكم، وأشكر لكم ترحيبكم وحسن الاستقبال في جامعة سومطرة أوتارا.

الدكتور ويندي خلدون:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته دكتور. الشرف لنا، ونحن نرحب دائمًا بالباحثين المتخصصين في تعليم اللغة العربية، خاصة إذا كانوا يحملون رؤى متقدمة كحضرتكم.

أنا
جزاكم الله خيرًا. خلال حديثي معكم اليوم أحببت أن أشارككم مشروع مدونتي التعليمية "اللغة العربية كلغة للسياسة"، وهو مشروع يستهدف إعداد محتوى تعليمي متخصص يخدم الدارسين في المجالات الدبلوماسية والسياسية.

الدكتور ويندي خلدون:
هذا توجّه مميز جدًا، لأنه يربط تعليم اللغة بسياقاتها الوظيفية الحقيقية، ويكسر الطابع التقليدي للتعليم الذي يعتمد فقط على قواعد ومهارات عامة.

أنا
بالفعل. الهدف من هذه المدونة هو تزويد المتعلم بالمصطلح السياسي، وتحليل الخطاب العربي السياسي، وتعويده على فهم النصوص السياسية من الصحف والمنصات الرسمية، مع تدريبه على التفاعل اللغوي الملائم في السياق السياسي.

الدكتور ويندي خلدون:
وأعتقد أن هذا سيسهم كثيرًا في إعداد طلابنا المهتمين بالعلاقات الدولية والدراسات الإسلامية والسياسية، خصوصًا أنهم يواجهون تحديًا في فهم اللغة السياسية التي تختلف عن اللغة العامة.

أنا
هذا ما لاحظته من خلال الدراسات التطبيقية التي قمت بها. ولهذا صممت هذه المدونة بطريقة تدمج بين البعد اللغوي والبعد السياسي الواقعي، وتراعي مستوى المتعلمين واحتياجاتهم المهنية.

الدكتور ويندي خلدون:
هل من الممكن اعتماد هذه المدونة كجزء من مقرر تدريسي أو دورة قصيرة في جامعتنا؟ أعتقد أن الفكرة تستحق التجريب والتقييم.

أنا
بكل سرور، ويسعدني أن نبدأ من خلال ورشة عمل تعريفية بالمدونة، ونستمع إلى آراء الأساتذة والطلاب، وقد نعمل على تطوير نسخة خاصة بجامعة سومطرة أوتارا إن شاء الله.

الدكتور ويندي خلدون:
أتفق تمامًا، وسأنقل هذا الاقتراح إلى لجنة القسم، ويمكن أن ننسق مع عمادة الكلية لتنظيم نشاط علمي أو تعاون مشترك.

أنا
سعدت كثيرًا بهذا الحوار البنّاء، وأقدّر دعمكم وتشجيعكم لهذا المشروع الذي أرجو أن يكون لبنة في تطوير تعليم العربية في السياقات التخصصية.

   الدكتور ويندي خلدون
بارك الله فيكم، ونحن نثمن جهدكم، ونتمنى أن تتكرر زيارتكم، ونؤمن بأن المشاريع الجادة مثل هذه تصنع فرقًا حقيقيًا في مسيرة تعليم 
العربية في الجامعات الآسيوية






معهد تدريب المعلمين في ماليزيا
  



  








نص الحوار – لقاء في معهد تدريب المعلمين في بانغي – ماليزيا

الموضوع: تعليم اللغة العربية لأغراض سياسية

الباحث:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكركم على حسن الاستقبال. يشرفني أن أكون بينكم اليوم في معهد تدريب المعلمين، وأود أن أتناول معكم موضوعًا يزداد أهمية في عالمنا المعاصر، وهو تعليم اللغة العربية لأغراض سياسية.

د. جفر الدين (رئيس قسم اللغة العربية):
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أهلاً وسهلاً بكم دكتور، نحن نتابع باهتمام أعمالكم في مجال تعليم العربية لأغراض خاصة. والحقيقة أن هذا المجال، وخاصة في جانبه السياسي، ما زال جديدًا نسبيًا في مؤسساتنا التربوية.

الباحث:
أجل. وقد لاحظت خلال زياراتي أن اللغة العربية تُدرّس غالبًا لأغراض دينية أو أكاديمية، ولكن لا يوجد اهتمام كافٍ بتعليمها لأغراض التواصل السياسي والدبلوماسي، رغم العلاقات المتنامية بين ماليزيا والعالم العربي.

أ. هدى (محاضِرة في طرق تدريس اللغة):
صحيح، نحن نُركّز غالبًا على الفقه والنحو والقرآن، ولكن عددًا من طلابنا يُظهرون اهتمامًا متزايدًا بالخطاب السياسي العربي، خاصة أولئك الذين يسعون للعمل في وزارة الخارجية، أو كملحقين ثقافيين، أو في الإعلام.

الباحث:
ولهذا السبب أعمل حاليًا على مشروع يستهدف تصميم مدونة تعليمية لأغراض سياسية، تتضمن مفردات الخطاب السياسي، وتحليلات لخطابات رسمية، ونماذج من البيانات العربية والبيانات الصحفية، مع أنشطة لغوية مصممة لهذا الغرض.

د. نوردين محمد:
هذا شيء نحتاجه بشدة، وأعتقد أنه سيكون مفيدًا جدًا في تطوير مناهجنا، لا سيما في ظل تزايد برامج التبادل الطلابي بين ماليزيا والدول العربية. من الضروري أن نُعدّ الطلبة ليكونوا فاعلين لغويًا في المجال السياسي.

د. رحمان (محاضر في اللغة العربية للناطقين بغيرها):
برأيي، تعليم العربية لأغراض سياسية لا يقتصر فقط على المفردات، بل يتطلب أيضًا تدريبًا على تحليل المواقف، وفهم السياقات الثقافية والدبلوماسية، وهذا ما نفتقر إليه في مناهجنا الحالية.

الباحث:
كلامكم دقيق. لذلك، أرى ضرورة إدخال موضوعات مثل: المصطلحات الدبلوماسية، أنواع الخطابات السياسية، مواقف الدول، العلاقات الدولية، القمم والمؤتمرات... وغيرها في المحتوى التعليمي.

د. عبدالله:
هل تفكرون في تدريب المعلمين أيضًا على هذا النوع من المحتوى؟ لأن أغلبنا لم يتلقّ تدريبًا سابقًا في اللغة السياسية.

الباحث:
بكل تأكيد. أي مشروع في هذا المجال لا بد أن يُرفق ببرامج تدريب للمعلمين، وتطوير قدراتهم على استخدام النصوص السياسية، وتحليلها، وتوظيفها تربويًا. ويمكن تنظيم ورش عمل أو دورات مكثفة لهذا الغرض.

د. محمد زريني:
نحن منفتحون جدًا للتعاون. وإذا كنتم بصدد تجربة النموذج الذي تعملون عليه، فمعهدنا يمكن أن يكون بيئة تجريبية مثالية، خاصة مع وجود معلمين ومعلمات متحمسين وطلبة من خلفيات متنوعة.

الباحث:
سعيد جدًا بهذا الانفتاح. وأتطلع فعلًا إلى شراكة مستقبلية معكم في هذا المشروع، ليكون نموذجًا رائدًا في تعليم اللغة العربية لأغراض سياسية في المنطقة.

أ. أحمد صبري :
نشكركم على هذه الزيارة الملهمة، ونأمل أن يتطور هذا الحوار إلى عمل مشترك يخدم لغتنا وثقافتنا وعلاقاتنا السياسية مع العالم العربي




                                    








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق